بلعت ريقي و قلت لنفسي أي موقف وضعت نفسك فيه يا سناء؟ رفعت عينايا و التقت بعينيه، رأيت فيهن الأمان و كثيرا من المعاني النبيلة فتشجعت بعد أن همست لي نفسي بأن الطريق سيار و مراقب بأحدث أجهزة المراقبة المستعملة حاليا، أوكلت أمري لله و صعدت. انطلق كسهم في الطريق بسرعة وصلت أحيانا 164 كيلومتر في الساعة الواحدة. و صار يستأذنني في كل صغيرة ’’ هل ممكن أن أشعل المكيف؟ هل أنت متأكدة أنك مرتاحة؟ هل و هل و هل ؟
عنت المدينة المقصودة و بدأت أستعد لتنفس الصعداء، تلقى الوسيم اتصالا
هاتفيا من صديق له، استرقت السمع و حاولت فهم ما يدور بينهما فكانت المفاجئة كبيرة
جدا، اغرورقت عينايا بدمع الخجل و شيء من السعادة و الفرح، كيف لا و الرجل
لم يكن قاصدا السفر للمدينة و فعل ذلك لأجلي، فقط ما أروعك أيها الوسيم.
لهفتي على الوصول و التحرر من مملكته الحمراء تبدلت بدهشة و رغبة قوية في
السجود حمدا و شكرا لله عز و جل الذي سخر لي كل هذا و ما كنت له مقرنة. صراحة
تمنيت لو تطول المسافة...
أوصلني إلى باب محطة القطار الرئيسي، أوقف سيارته و أمدني بحقيبتي ثم ودعني
و ذهب، نعم لقد ذهب. حملت حقيبتي وصعدت درج المحطة، في نهايته استدرت للخلف -لا
أدري لماذا فعلت ذلك- فلمحت السيارة تتحرك ببطء شديد ثم توقفت و انزل زجاج سيارته
مرة أخرى و خرجت يده ملوحة لي، خجلت و لوحت له بدوي ثم دخلت المحطة.
اشتريت تذكرة للسفر لمدينة كليرمو فيرون و فضلت البقاء و الانتظار داخل
مبنى المحطة. بعد نصف ساعة من الانتظار فوجئت بحافلة تقف أمام المحطة و نداء يدعو
المسافرين لركوبها، قد اشتريت تذكرة قطار سريع و استبدلت في أخر لحظة بحافلة
عادية، لم اعترض و صعدت الحافلة مطأطئة رأسي، لقد انتهت أيام التدلل و التبختر...
وصلنا للمدينة المقصودة قبل موعد قطار باريس بخمس و أربعين دقيقة، استغليت
الوقت للشراء بعض من الطعام الحلال من مطعم عراقي بجوار المحطة، أكلت و شربت من
نعمة الله التي لا نقدرها كثيرا و لا نشكره عليها إلا نادرا.
رجعت للمحطة و اشتريت كوبا ساخنا
من القهوة، و صرت أرتشف ببطء متلذذة بمذاقها المركز و الذي يعطي للحظة معاني خاصة،
فأنا من عشاق القهوة السوداء المركزة بدون سكر. لحظة فريدة جدا رمت بي في عالم
الأحلام الجميلة و طارت روحي لعالم الأرواح حيث لا مكان للمادة، حيث أسافر متى
أشاء و أين ما أشاء دون قيد أو وسيلة، هو عالم صافي لا مجال فيه للنفاق و الخداع،
لن تجد فيه غير الدفئ و العطاء، لا مجال فيه للأجسام المجسمة و لا للشفاه الملونة
و لا الوجوه المغطاة بقناطر مقنطرة من مساحيق التجميل و لا لأجسام مبنية ككعك
بوينو ظاهره صلب و جوهره محشي بالشوكولاطة الذائبة، الكل هنا ظاهر على حقيقته، هذا
هو عالمي حيث أستطيع قول ما أشاء بكل موضوعية و أعيش كيف ما أشاء و امشي حيث ما
أشاء و ... فجأة قطعت موظفة في المحطة تفكيري و سحبتني بكل وحشية من عالمي الجميل
بإعلانها أن الرحلة المتوجهة لباريس قد تم إلغاؤها. يتبع
4 تعليقات:
الرحلة تم الغاؤها
للأسف بعد رحيل الوسيم هههههه
ما زلت أتابعك بصمت يا سناء
سلامووو
اعجبتني بصراحة بعض المضامين في هذه التدوينة ،تعبيرات جميلة
بالنسبة للقهوة لا استطيع شربها بدون 3 د كركوبات ديال السكر :D
وفي انتظار البقية دوما
سلام
@ سناء : نعم رحل الوسيم للأسف هههههه مشيت فيها، ضاعت الفرصة هههههه... شكرا سناء
@ هيبو : هههههههه درتي ليا السكارية ههههههه ثلاثة كاع، شكرا على مرورك الظريف
من هنا يمكنني أن أقول أن الناس طوب و حجارة في كل مكان
إرسال تعليق