على باب 14 مايو 1948 أُعلن إقامة دولة الكيان الصهيوني المحتل، وبعده بدقائق قليلة قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراف بها.. على ضعفنا وسقوطنا مرت جيوش من المرض، استوطت بخبث أرضنا..
على
حروف شاهدي النكبة صلبت آهات جذور أُقتلعت من أرضها، ودماء إبادة عنصرية صهيونية وحشية.. بين فصول حكاياتهم دموع ودمية مكسورة وإيمان بعودة تبدو بعيدة...
على
درج الباب الخلفي للمؤسسة، حيث كنت أدرس، جلست وحضنت ركبتيّ وجعلت كوبي أمامي وأنا
أحاول أن أسترجع ما حدث.. أن أستوعب ما حدث... ما حدث فقط..
وأنا
أهم بالانصراف إذا بامرأة مغاربية أخرى تهمس لي أن أعيد للأولى ما اشتريت على أن
تبيعني مثله بنصف الثمن، نظرت لها باستغراب فاستدركت " 10 يورو فقط"، ثم
شاب آخر يدعوني ثم آخر... بدأت أصواتهم ترتفع حولي كذئاب جائعة أكرمها الله بفريسة
بعد شهور طويلة من الجوع والعطش. كانوا كلهم عربا.. يا أسفي ...
في
تلك اللحظة رأيت كل الرؤوس الشقراء، على كثرتها الساحقة، تختفي ولا تظهر إلا تلك
الرؤوس السوداء، لم أرى في سوادها أثرا للعزاء، لم يكن أبدا سوادها حدادا على قضاياها، وإنما كان لون عارها.. كان سواد أرواحها المتعفنة المتسخة الشرهة.. "
مرّت
سنوات على هذا الحادث، لا أظن أن تلك الذئاب فهمت أن القيمة والثمن شيئان مختلفان تماما،
وأن قيمة القضية لا ثمن لها ... كيف يكون لها ثمن وقد فدتها أرواح طاهرة.. أطهر
من روحي وأرواحهم جميعهم... تظن تلك السيدة أنها باعتني مجرّد قطعة قماش.. لا أراها
كذلك، هي أكبر من ذلك بكثير..
الآن
وقد استوعبت جيدا ما حدث ذلك اليوم، أعرف أننا في ذكرى كل نكبة ننهش ما تبقى من الجسد
الفلسطيني كقطيع ذئاب جائع، تتهافت النفوس على مصالحها، تتاجر بالقضية، تفتت الجسم
الفلسطيني أكثر مما هو مفتت، تستفرد به بين شوكتها وسكينها لتفترسه ببطء سادي.
لا
يمكن لأمة تغتصب أطفاها وتتحرش بنسائها أن تربح معركة الأرض، لا يمكن أمة تتاجر
بدستور قيمها (أديانها على اختلافها) أن تنهض، لا يمكن لأمة يجتمع تحت اسمها أغنى
وأشقى سكان الأرض أن تتماسك، لا يمكن لأمة جاهلة أن تكتب حروف مستقبلها..
ستنتصر
القضية عندما نخدمها لشرف خدمتها.. ستنتصر عندما تخرج جموع كثيرة.. تحمل بالضبط
ما كانت تحمل تلك الفتاة في قلبها ذلك اليوم.. تحب الأرض وتغير على القضية بطهر
ونقاء.. تلك الفتاة التي سكنتني يوما ما.. ورحلت عنّي ..
أحس
أن تلك الأرض المتعبة تشتاق لنا، أحضن ركبتيّ وأقول : كل الأمراض التي قتلت الأمم
فينا ولا نموت.. هذا السرطان الصهيوني ينخرنا ولا نتألم ...هذه الأمة لا تتألم...
لا تتألم لأن الألم من فعل الأحياء...
صورة فلسطين الحبيبة بكل محافظاتها العربية قبل التكالب الصهيوني :
4 تعليقات:
من مدينة الصويرة أقول لك 'كنت هنا'
هل تكتبين للأحياء؟ مات الأحياء يا سناء
كتبت لك تعليقا سابقا لم يظهر
لكني أبقى دائما عاجزة عن التعليق في هذا الموضوع بالذات، لأن كل الكلمات أصبحت لا تكفي.. ولا تُشفي الغليل..
فليدم قلمك ناطقا وحيا..
@ سعيد : شكرا ومرحبا بيك فمدينتك :)
@ خالد: آاااااااااااااااه الحقيقة المرة.. شكرا لمرورك.. مازال بضع احياء.. نتمنى معجزة ليحى الآخروين
@ مثال: شكرا مثال على وفائك ومرحبا بك
شكرا لكم جميعا بحجم الأطلس الشامخ
إرسال تعليق